700 فيلما سينمائيا هي رصيد الفنان الكبير محمود المليجي أي ما يتجاوز 20% من نتاج السينما المصرية طوال تاريخها، وهو رقم له إشارات عديدة أبرزها أننا أمام فنان كبير واستثنائي.
المليـجي يقص ذكريات ولعه بالتمـثيل خلال دراسته بالمـدرسة، فيقول: فى السنة الرابعة جاء عزيز عيـد ليدربنا، جذبتنى شخصيته الفذة وروعة إخراجه وتطور أفكاره، وكنت أقـف بجانبه كالطفل الذى يحب دائماً أن يقلد أباه.. وقد أُعجب بي عزيز عيد وأنا أمثل، ومـع ذلك لم يُعطنِ دوراً أمثله، وكـان يقول لي دائمـاً: “إنت مش ممثل.. روح دور على شـغلـة ثانية غير التمثيل”.
ويكمل المليجي: “فى كـل مـرة يقول لي فيـها هذه العبـارة كنـت أُحـس وكأن خنجراً غـرس في صـدري، وكثـيراً ما كنت أتـواري بجـوار شجـرة عجـوز بفـناء المـدرسة وأترك لعيني عنان الـدموع، إلى أن جـاء لي ذات يـوم صـديق قـال لي: إن عزيز عـيد يحـترمـك ويتنبأ لك بمستقبل مرموق في التمثيل، فصرخت فيه مَنْ قال لك ذلك ؟ أجاب إنه عزيز عيد نفسه.. وعرفت فيما بعد أن هذا الفنـان الكبـير كان يقول لي هـذه الكلـمات من فمه فقط وليس من قلبه، وإنه تعمَّـد أن يقولـها حتى لا يصيبنى الغرور، وكان درساً لا ينسى من العملاق عزيز عيد.
وكانت نقطة التحول في حياة “مـحـمـود المـليجي” في عـام 1970، وذلك عندما اختاره المخرج “يوسف شاهين” للقيام بدور “محمد أبوسويلم” في فيلم “الأرض”.. فقد عمل فيما بعد فى العديد من أفلام يوسف شاهين، وهي: الاختيار، العصفور، عودة الابن الضال، إسكندرية ليه، حدوته مصرية.
وتحدث يوسف شاهين عن المليجي، فقال: “كان محمود المليجي أبرع من يـؤدي دوره بتلقائية لـم أجـدها لدى أي ممثل آخر، كمـا أنني شـخصـيًا أخـاف من نظـرات عينيه أمام الكاميرا”.
وكما يموت المحارب في ميدان المعركة، مات محمود المليجي في مكان التصوير وهو يستعد لتصوير آخر لقطات دوره في الفيـلم التليفزيوني “أيـــوب”.. فجـأة، وأثناء تناوله القهوة مع صديقه “عمر الشريف”، سقط المليجي وسط دهشة الجميع ، ليرحل عنا شرير السينما المصرية وهو في سن الثالثة والسبعين، وكان ذلك في السادس من شهر يونيو عام 1983 على إثر أزمة قلبية حادة، بعد رحـلة عطاء مـع الفن إسـتمرَّت أكـثر من نصف قـرن، قدَّم خلالها أكثر من سبعمائة وخمسين عملاً فنياً، ما بين سينما ومسرح وتليفزيون وإذاعة.