سيد صادق، واحد من الفنانين الذين اشتهروا بأدوار الشـ ـر أو رجال الأعمال الخارجين عن القانون، رغم عدم ظهوره فب مساحات طويلة في الأعمال الفنية، لكنه نجح في الاحتفاظ بجزء ولو قليلاً من ذاكرة الجمهور، فأرشيفه الفني مُمتد منذ نهاية السبعينات، لكنه تغّيب عن الساحة منذ 6 أعوام تقريباً، ولم يظهر منذ ذلك الحين.
تحدث سيد صادق، في حوار قديم عن أسباب غيابه عن الساحة الفنية في السنوات الأخيـ ـرة، وحقيقة اعتزاله واتجاهه للتجارة، وكذلك اعتـ ـداء عادل إمام عليه في كواليس أحد الأفلام، ورسالته للمخرجين الشباب، وغيرها من التفاصيل.
سيد صادق لم يخطُ بقدمه بلاتوه التصوير منذ 6 أعوام تقريباً، بعد آخر مُشاركة له مع الفنان عادل إمام في مسلسل «أستاذ ورئيس قسم» عام 2015، إذ يقول إن الاختـ ـفاء عن الساحة الفنية أمر خارج عن إرادته، وذلك بعد رحلة عطاء فني دامت لنحو 50 عاماً: «أنا حي أرزق، وبصحة جيدة، ورغم أنّ سُنة الحياة هي جيل يُسلم جيل، وإدراكي التام بأن جيلي قد اندثر بشكلٍ كبير، سواء مُمثلين أو مُخرجين ومؤلفين، لكن أتمنى أن أعود وأمارس الحياة الفنية مُجدداً، فما زلت أسدد رسوم اشتراك عضوية نقابة المُمثلين بشكل سنوي على أمل المُشاركة فى أي دور مُناسب».
ويرى «صادق» أنه لا يُجيد مهارة طرق الأبواب على المُخرجين والمُنتجين، الأمر الذي أسهم في ابتعاده عن الساحة طوال هذه الفترة: «لا يصح بعد هذه الرحلة الفنية أن أطرق الباب، وأقول له أنا سيد صادق وعاوز أشتغل، لا يصح ذلك تماماً، وأعتقد أنه في حال حدوث ذلك لن يكون لي كيان داخل البلاتوه، لكن في حال ترشيحي من قِبل مُخرج أو منتج سأكون مُتاحاً في الحال»، موضحاً أن ابتعاده عن الفن، خلال السنوات الأخيـ ـرة، ساعده فى الانتباه لتجارته التي بدأها منذ عام 1963 تقريباً: «كرّست مجهودي داخل المحل الخاص بي، لا سيما أنها مصدر الرزق الوحيد لي ولأسرتى، لذلك أحمد الله تعالى بأنني امتهنت مهنة غير الفن، حتى لا أصل لمرحلة أن يُجمع لث تبرعات فى يومٍ ما، فالحمد لله حالتىي ميسورة».
ويصف سيد صادق تجارته بـ«كارت أمان» بالنسبة له: «أعتقد أن الجيل الجديد من الفنانين صار يلجأ إلى الاستثمار في المجالات المُختلفة، دون الاعتماد على الفن فقط، كونه غداراً، إذ أخذوا عِبرة من بعض الفنانين القُدامى، الذين عانـ ـوا فى مرضـ ـهم وآخـ ـر أيام حياتهم، ولا يملكون ثمن الدواء»، موضحاً أنه يعمل في التجارة قبل دخوله مجال التمثيل: «عملت كموظف عند أحد التجار منذ عام 1963 ولمدة 5 أعوام، حتى باتت أوضاعب المادية تشهد تحسناً إلى حدٍّ ما، فقررت العودة إلى حب حياتي وهو التمثيل، فقد كنت مُحباً له منذ المدرسة، كما أنني قدّمت في معهد التمثيل، لكن تخلفت عن حضور الاختبارات لعدم مقدرتي على الدراسة وقتها وانشغالي بالتجارة، فحياتى المادية لم تكن مستقرة آنذاك، وكان من الضروري أن أكوّن نفسي وبالرغم من ذلك كنت معروفاً بين طلاب الدفعة، منهم نور الشريف وسعيد طرابيك».
سيد صادق لم يصل إلى مرحلة النجومية وأن يُسند له دور البطولة، عكس بعض زملائه في المعهد، لعل أبرزهم نور الشريف، لكنه برر ذلك لنفسه: «هؤلاء النجوم كانوا حريصين على التركيز فب التمثيل فحسب، لكن كان تركيزي ينصب على ضرورة تأمين حياتي مادياً قبل أي شيء، فلم تكن لدىَّ المقدرة لممارسة التمثيل وأنا في حاجة إلى المال، لذلك بعدما نجحت في تأمين حياتي وكوّنت أسرة وامتلكت سيارة، عُدّت إلى التمثيل عام 1979»، مؤكداً أنه لم يندم يوماً كون التجارة تسببت في تأخر نجوميته: «لم أندم قط، أندم فقط عندما أكون عاجـ ـزاً، أندم عندما أطلب من شخص أن يُسـ ـدد عني إيجاراً أو أقساطاً، فأنا أحب الاعتماد على النفس دوماً، لذلك أنا راض عما وصلت له في الفن، فهذا ما أستحقه».
وأبدى رفضه التام لمقولة «التجارة خطـ ـفتني من التمثيل»، إذ يرى أن العكس هو الصحيح: «فى بعض الفترات كنت مطلوباً بشكل كبير في الأفلام والمسلسلات، فقد كان هناك عائد جيد من التمثيل، لكن التجارة هث مأمني في الحياة، فلم أغلق المحل يوماً منذ 53 عاماً»، مؤكداً أنه لم يواجه أي صعـ ـوبات كونه بعيداً عن الساحة الفنية طوال السنوات الأخـ ـيرة: «طالما لم أتعرض للإحـ ـراج، فلم أواجه صعـ ـوبة، فأنا ما زلت مُحتفظاً بشكلي ووضعي وكياني ووجودي أمام نفسي وأسرتي وأحفادي»، متابعاً: «حياتي قد تُشبه قليلاً الشخصية الدرامية الشهيرة عبدالغفور البرعي.. من منّا لم يبدأ حياته من الصفر؟ النجوم الموجودة حالياً إلا من رحم ربي.. بدأوا حياتهم من الصفر».
ويقول إنه لا يسأل عنه حالياً أحد، باستثناء عدد قليل من زملائه بالوسط الفني، مُبرراً ذلك بأن كل شخص مشغول في حياته، إذ إنه لا يوجه لوماً أو عتـ ـاباً لأحد: «يسأل عني دوماً الفنان عبدالعزيز مخيون، فصداقتنا مُمتدة منذ عام 1964، وكذلك المخرج مجدي أبوعميرة، ويسري الجندي، والمنتج محمد فوزب»، لافتاً إلى أن غيـ ـابه التام عن الأضواء، حتى المناسبات الفنية، يرجع إلى كونه شخصاً غير اجتماعي: «طالما لست مدعواً في حفل، فلا أحب الظهور، وأعتقد أن انحـ ـسار علاقاتي أثر سلباً على استمراريتي في الساحة الفنية مؤخراً».
تسببت فب إصـ ـابة نور الشريف بنـ ـزيف شد يد وعادل إمام اعتـ ـذر لي بسبب “خلى بالك من عقلك”
ويُعتبر الفنان عادل إمام من أبرز الفنانين الذين تعاون معهم سيد صادق، وشارك معه في أعمال عدّة، إذ كشف أبرز المواقف التى جمعتهما: «في فيلم خلى بالك من عقلك، كان عادل إمام يعمل معي فى البار، وكانت بيننا اشتبـ ـاكـ ـات بالأيدي، لكنه اعتـ ـدى عليّا بشكل حقيقي، دون قصـ ـد طبعاً، فانتـ ـفض سريعاً ليطمئن عليّا، إذ اعتقد أن الاعتـ ـداء تسبب في حدوث مضـ ـاعفـ ـات لي أو ما شابه، لكن أخبرته بأن الوضع على ما يرام»، مشيراً إلى أنه اعتـ ـدى هو الآخر على الفنان نور الشريف، عن غير قصد، فى فيلم «الفتى الشـ ـريـ ـر»، قائلاً: «اللكمة لم تكن مقصودة تماماً، لكنه تعرض لنـ ـز يف من الأنف، واعتـ ـذرت له سريعاً، فلم يغـ ـضب وتفهم الأمر».
وأوضح سيد صادق أن ملامحه ساعدت في حصره بأدوار الشـ ـر: «لم تكن لدىّ إمكانية الاختيار، وأعتقد أنه لم تكن لدىّ الإمكانية فى الوقت الحالي أيضاً»، لافتاً إلى أن أدواره تظل عالقة في ذاكرة الجمهور، رغم ظهوره بمشاهد معدودة في الأعمال».
وأشار إلى أن أبناءه ليس لهم علاقة بالوسط الفني، باستثناء نجله المؤلف لؤي سيد: «حرصت على دخوله في مجال التجارة، رغم نشاطه الفني الكبير، وفتحت له محلاً كبيراً حتى تكون التجارة هي الظهر الذي يتكئ عليه، وأن يعيش فى أمان، وألا يطرق الباب على أي شخص»، لافتاً إلى شغف ابنه بمجال التأليف منذ وقت كبير: «فوجئت بأنه أصبح مؤلفاً وله أفلام وبرامج، أتذكر أننا عندما كنا نسافر سوياً كان يصطحب معه كتب التأليف ويظل يقرأها لساعاتٍ طويلة، حتى صار واحداً منهم، وهو يتعاون مع رامز جلال في فيلم جديد حالياً بجانب كتابته لبرنامج المقالب الخاص به، وبالتأكيد لا أتدخل في عمله إطلاقاً».
أقول للمخرجين الشباب “افتكروني وهشرّفكم”
وأكد سيد صادق فى حديثه أنه لا يُفكر في قرار الاعتـ ـزال إطلاقاً: «التمثيل ليس عيـ ـباً، لكن العيـ ـب هو أن أطرق الباب على مُنتج أو مُخرج، وأن يصده أحد في وجهي، لكن من يرغب في تعاونى معه سأشرفه في التمثيل بالتأكيد، فلدي مواهب لم تظهر على الشاشة بعد»، موجهاً رسالة إلى المُخرجين الشباب: «افتكروني.. أنا حي أرزق.. من يطلبني فى دور سأشرفه ولن أعرضه للحـ ـرج.. الجمهور مشتاق لرؤيتي.. سأظهر بكامل قوتي وبشكلٍ مختلف».