اقتحم الفنان المصري محمد فوزي البلاد الغربية بألحانه المميزة وتجديداته السابقة لزمانها بأعوام كثيرة، ولذلك كان له شهرة كبيرة في الحفلات الغنائية وبين الأوساط الفنية.
وخلال زيارة له إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وفي حفل راقص التقى محمد فوزي بالنجمة الأمريكية جين تيرني، وأخذ كثيرًا بجمالها وأناقتها فتشجع ومشى بخطوات ثابتة نحو مائدتها، ثم انحنى كعلامة الاستفهام داعيًا إياها للرقص فرحبت كثيرًا.
وفي أثناء رقصهما روت له جين انبهارها بالدول الشرقية وتحديدًا مصر وأنها تتمنى أن تزور مصر، لتركب جملاً يمشي بها في شوارع القاهرة!! وهنا صدمها فوزي ضاحكًا: «ولكن شوارع القاهرة لا تسير فيها الجِمال الآن.. لأنها مزدحمة دائمًا بالسيارات الرولزرويس والكاديلاك»، وظهرت الدهشة جليةً على وجهها ولكنها لم تُعلق.
كان محمد فوزي من أهم الفنانين الذي لهم دورًا كبيرًا في إثراء الحياة الفنية في مصر، خاصة في مجال الغناء وإنتاج وطباعة الاسطوانات الغنائية، حيث أسس “مصر فون” التي تعد أول شركة في تقوم بطباعة وإنتاج الاسطوانات بعدما كان لا يتم ذلك إلا من خلال السفر إلى باريس أو اليونان.
في عام ١٩٦١، تم تأميم شركة “مصر فون” وأصبحت باسم “صوت القاهرة”، كان لهذا القرار أثره السلبي على مالك الشركة وصاحبها الفنان محمد فوزي، الذي أفني ماله وعمره في تأسيس هذه الشركة محققا بها نجاحات كبيرة، و إنتاجات فنية كثيرة، ودخل في حالة اكتئاب وأزمة صحية.
وتردد أنه تم تعيين محمد فوزي مديراً بالشركة براتب ١٠٠ جنيه، وخصص له مكتبًا صغيرًا، فرفض الجلوس في المكتب، وعاد إلى بيته، واشتد عليه المرض بسبب إصابته بالحسرة والحزن على شركته.
جاء تأسيس شركة “مصر فون”، حينما فكر “فوزي” في تأسيس شركة مصرية لطباعة الاسطوانات، بدلا من انتقال المطرب والفرقة إلى باريس من أجل إنتاج وطباعة الاسطوانات، واستطاع محمد فوزي تأسيس شركة “مصر فون” لتكون أول شركة لطباعة الاسطوانات في مصر.
وكانت قد كشفت الفنانة مديحة يسري، خلال لقاءاتها ببرنامج “بوضوح” مع عمرو الليثي، أن بداية مرض زوجها الفنان محمد فوزي جاءت بعدما تم تأميم شركة الاسطوانات التي يملكها، حيث أنه لم يتحمل ذلك.
وأضافت أنه بعد تأميم الشركة قاموا بتعينه كمستشارًا فنيا لها، إلى أنه في إحدى المرات كان متوجها إليها، وفوجئ بقيام الضابط بمنعه من الدخول وإخباره بأنه تم الاستغناء عن خدماته بها، وعاد إلى المنزل، ومنذ ذلك اليوم وشعر بإجهاد كبير، حيث تبين أن لديه مرض السرطان والذي ظل يعانى منه لمدة أربعة سنوات أعقبها وفاته في 20 أكتوبر 1966.
وتابعت قائلة: “اللي حصل للشركة ده حرام أنا وفوزي، كنا بنحاول نوفر العملة الصعبة لبلدنا بدلا من توجه المطربين إلى اليونان عشان يسجلوا اسطواناتهم، قولنا نشتري الآلات من الخارج ونسجل الأغاني في بلدنا”.
وأشارت قائلة: “إحنا فنانين معملناش حاجة، وأنا كنت مع قرار تأميم أصحاب الأملاك والأراضي وإعطاء الفقراء، لكن يأمموا مصنع لصالح البلد ليه”.
يذكر أن محمد فوزي ولد في قرية كفر أبو جندي التابعة لمركز قطور بمحافظة الغربية، وحصل على الشهادة الابتدائية من مدرسة طنطا عام 1931م، ومال إلى الموسيقى والغناء منذ كان تلميذاً في مدرسة طنطا الابتدائية.
التحق فوزي بمعهد فؤاد الأول للموسيقي في القاهرة، بعد حصوله الشهادة الإعدادية وبعد عامين تخلى عن الدراسة، حيث تعرف على فريد الأطرش، ومحمد عبد المطلب، ومحمود الشريف، وربطته بهم صداقة قوية، حيث شاركهما في تلحين الاسكتشات والاستعراضات وغنائها؛ مما أثرى خبرته في أعماله السينمائية.
مثّل فوزي في 32 فيلم سينمائي، حيث شارك سليمان نجيب ورجاء عبده في فيلم “سيف الجلاد” للمخرج محمد كريم و حقق نجاحًا باهرًا، مما ساعده على تأسيس شركة أفلام محمد فوزي عام 1947.
وفي فيلم “معجزة السماء” قدم أغنية “طمني” بأسلوبٍ جديد، فقد اكتفى فيها بصوتٍ خلفي للكورال دون صوت الآلات الموسيقية، سمي هذا اللون أركابيلا ليحقق إنجازًا غير مسبوق.
هو أول من قدم أغنية فرانكو آرب “يا مصطفى يا مصطفى” وقد أداها شقيق الفنانة داليدا وبوب عزام عام 1961، كما تُرجمت إلى لعديد من اللغات.
في رصيده 400 أغنية، حوالي 300 منها في الأفلام مثل “حبيبي و عينيه” و”ماله القمر ماله” وغيرها.