لكل دولة عاداتها وتقاليدها التي تكون حاضرةً بقوة في مختلف المناسبات؛ النجاح.. الخطبة.. الزواج.. الإنجاب… وحتى في الطلاق وغيرها من الأحداث الحياتية اليومية.
ومن أبرز عادات المصريين عند الزواج على وجه التحديد كتابة ورقة المنقولات الزوجية أو ما يُعرف بـ”القايمة”، وقد باتت من أهم خطوات إكمال الزيجة حتى أن بعض الزيجات لا يُكتب لها الاستمرار إذا لم يتفق الطرفان على بنود “القايمة” ويفشل أهالي الطرفين للوصول إلى طريق مسدود.
و”القايمة” هي ورقة مدرج بها الأثاث وجميع الأجهزة الكهربائية والمشغولات الذهبية التي ابتاعها والد الفتاة والزوج من أجل تجهيز منزل الزوجية، وبمجرد الانتهاء من كتابة تلك الأشياء يُقرّ الزوج باستلامه هذه المنقولات متعهدًا بحفظها وردها عند الطلب، وإذا ما نشأ أي نزاع بين الزوجين ويقرران الانفصال يكون من حق الزوجة استلام تلك المنقولات الواردة في “القايمة”، وحال رفض الزوج يكون القضاء هو الفاصل بينهما.
وغم أن الكثير من قصص الزواج تبدأ على أساس وثيق من المعرفة والتفاهم وأحياناً المشاعر العاطفية، إلا أن شبح هذه الورقة يظل يطارد هذه القصص، حيث يُصرّ الكثيرون من أهل الفتيات على كتابتها وتوقيع الزوج عليها، ومن هنا تبدأ الخلافات، ويعزف الشباب عن إكمال الزيجة، ومنهم من يتراجع عن الخطوة الأولى من البداية ويعزف عن التقدُم للخطبة.
ومؤخرًا، برزت على مواقع التواصل الاجتماعي قصة العروس”مريم ناصر مخلوف”، باحثة ماجستير في العلوم الزراعية، من قرية شركة بسنديلة مركز بلقاس بمحافظة الدقهلية، والتي لم تتصور أن تكون يوماً ما حديث “السوشيال ميديا”، وأن يكون والدها بطل القصة الذي انبهر به الجميع بما فعله.
وخلال الساعات القليلة الماضية، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي صورة لإحدى القوائم، مكتوب في الخانة الخاصة بكتابة المنقولات تلك العبارة: «من يؤتمن على العِرض لا يُسأل عن المال.. اتق الله في كريمتنا»، وأعلى الورقة توقيع والد العروسة، الأمر الذي تصدرت قصة العروس ووالدها حديث السوشيال ميديا، لرجل واجه العادات والتقاليد المصرية بفكر واع ومثقف، رافضًا كتابة الأشياء التي اشتراها لابنته في تلك القائمة، في وقت يصر فيه الآباء كتابة أصغر وأتفه الأشياء.
تروي مريم: “قرار القائمة كان بيد أبي، وفي البداية فوجئت أن والدي أخبرني بعدم كتابة قائمة بالمنقولات، كنت معترضة ورافضة الفكرة وتناقشت مع والدي كثيرا، وإنني لست أقل من أحد سواء أقاربي أو أصدقائي، واعتقدت أن والدي يمازحني وقتها ومع مرور الأيام ومع دخولنا في أيام نقل المفروشات، وقبل عقد القران أكد والدي أنه سيكتب قائمة حتى يرضيني لكنه كتب هذه العبارة التي هزت مشاعري وتحول حزني إلى سعادة غمرتني حتى الآن”.
وأكملت العروس قائلة: «طلبت من والدي قائمة.. ورد عليا: حاضر هعملك قايمة لكني فوجئت بكتابة القائمة في جلسة لم أحضرها أبلغني بها نجل عمي، وكان نصها: من يؤتمن علي العِرض لا يُسأل عن المال، اتقِ الله في كريمتنا»، مضيفة: “دلوقت أنا شايفاها أغلى قائمة في مصر”.
وقال المهندس ناصر مخلوف، والد عروس الدقهلية الذي رفض كتابة أي مبلغ مالي في قائمة منقولات ابنته واستبدلها بجملة “من يؤتمن على العرض لا يسأل عن المال، اتق الله في كريمتنا”: من لحظة تقدم المهندس «محمد» لكريمتنا منذ فترة، وأنا تراودني فكرة عدم كتابة قائمة المنقولات، وعند الاتفاق أبلغتهم بفرش شقة الزوجية كما يرغب لأنه بيته في النهاية، وأضاف: “قلت له نصًا افرش بيتك زي ما انت عايز انت هتجيب لبيتك، وأنا هجيب لبنتي، وفي الشبكة بردو اللي تجيبوه موافق به، وذلك من باب التيسير على الناس”.
وتابع: “أما بالنسبة للقائمة فأنا رافض موضوع القائمة دي من زمان، شايف إنها فتنة وبتجيب خلافات ومشاكل، وياما خربت بيوت بسببها وعلى حاجة هايفه، ومش بنتي اللي تتقيم بشوية عفش، ولما طلّعت لهم القائمة أسرة المهندس العريس محمد رفضوا لكن أقنعتهم، كذلك في البداية كانت أسرتي معترضة أيضا”.
وأردف: من سنين طويلة، قال صديق لي إن الشيخ الشعراوي كتب هذا لابنته، وقررت من وقتها أن أنفذها على بنتي مريم وأختها كمان، وبالفعل أنا مؤمن بالفكرة.
ينما قال العريس المهندس أحمد: حضرت أنا ووالدي لكتابة القائمة، فسألني والد العروسة المهندس ناصر، إنت عايز تكتب كام يا محمد في القائمة؟ فرديت كنوز الدنيا ولا تقدر بثمن، فوجئت به يحضر القائمة وحذف خانة المبلغ فيها.. الحقيقة إنهم من أفاضل الناس، والد العروسة والدي وليس حمايا، لم يفرض عليّ شيئاً منذ لحظة تقدمي لخطبتها”.
