أحيا الفنان الراحل محمد عبدالوهاب، إحدى حفلاته الفنية في فندق شاهين بلبنان، بحضور كل من أمير الشعراء أحمد شوقي، وطه حسين، واللذان كانا يصيفان في عالية بلبنان.
وتصادف وجود محمد عبدالوهاب في لبنان بوفاة والده، وعلم عبدالوهاب خبر الوفاة من الصحف المصرية والتي كانت تصل متأخرة يومًا كاملًا إلى لبنان، وذلك عندما وجد نعي والده، فبكى كثيرًا، وكان أمير الشعراء بجواره فأحتضنه وقال له: “لا تتضـــايق ولا تبـــكي.. ومن حقك أن تحـــزن.. ومن حقي أن أقول أنني والدك الثاني”.
وقرر عبدالوهاب إلغـــاء حفله الذي كان مقررًا في نفس اليوم، وأخذه أمير الشعراء وذهبا لرؤية طه حسين، وحين رآهما قال حسين ” سنسمعك اليوم، ونرجوا أن تكون موفقا”.
فرد عليه شوقي بأن عبدالوهاب ألغـــى الحفل، وحين سأل طه حسين عن السبب، قال له أمير الشعراء أن والدهقد توفى، وتأسف طه حسين كثيرًا، ثم توجه بصوته لعبدالوهاب قائلا له: “والدك توفاه الله، البقية في حياتك، ولكن لماذا لا تغني؟”، فقال له عبدالوهاب باستغراب” أنا لا استطيع أن أغني وأنا في مثل هذا الحزن”، فسأله طه حسين ” وهل الغناء كله فرح؟”، فأجابه عبدالوهاب” كلا ولكن المفروض بالناس أن يأتوا إلي الحفل لكي يفرحوا”.
فرد طه حسين قائلا: “هناك العديد من الناس تحملهم إلى الحفلات أحــــزانهم وأشجــــانهم، فلماذا لا تغني؟”، فرد عبدالوهاب “لكني إذا غنيت سأبـــكي”، فرد حسين ” وماله.. ابك.. انت تبكي فوق، وهم يبـــكون تحت”، وفي الأخير أقنع طه حسين موسيقار الأجيال بضرورة الغناء.
وخرج شوقي مع عبدالوهاب، وطلب المتعهد مرة أخرى، واخبره بأنه مستعد للغناء، وتحقق ما قاله طه حسين، وبكى عبد الوهاب على المسرح، وبكى المستمعون في الصالة الواسعة.