إستر شطاح.. فنانة دعمت عبدالوهاب في بدايته وتعاركت مع نجيب الريحاني على أجرها وحجزت على أموال فرقته
رسمت الفنانة طيرة موسى شطاح إطار أعمالها الفنية بريشة فنية إستثنائية، بحسب ما كانت من أبرز الممثلات ذات الشهرة الواسعة في النصف الأول من القرن العشرين، خصوصًا مع معاناة معظم الفرق المسرحية في إيجاد فتيات ممثلات موهوبات في مثل ذلك الوقت.
لم تُقتصر أدوار “شطاح” على صعيد أعمالها الفنية المسرحية فقط، بل توسعت لتشمل أعمالها السينمائية أيضًا والتي ظهر بريقها متأخرًا، بالقرب من عام 1945؛ حيث إنها قدمت في عامي: 1945 و1946 أحد عشر فيلمًا في وقت لم يكن الإنتاج السينمائي فيه على هذه الغزارة.
اشتهرت بـ “إستر شطاح” وامتد تأثيرها ليصل علاقتها بالفنانين المحيطين بها، وفيما يلي يرصد “أهل البلد” أبرز تلك الأدوار المؤثرة من خلال قصص مختلفة، جمعت بينها وبين فناني عصرها
عاشت “إستر” على الأراضي المصرية، متمسكة بديانتها “اليهودية” حتى رحيلها في يناير 1971، واشتركت بالتمثيل في عدة فرق مسرحية متنوعة، على مختلف العصور، فكانت جزءًا لا يتجزأ من فرقة “الجوق المصري”، و” إسكندر فرح”، و”جورج أبيض”، وسلامة حجازي” ، و”عبد الرحمن رشدي”، و”عزيز عيد”، وغيرها من الفرق الغنائية الأخرى.
وعرفت “شطاح” بين هذه الفرق بصلابتها في دفاعها عن حقوقها المادية، وعدم التنازل عنها مهما كانت الأسباب، فوصل الأمر لأن يقول لها الفنان حسين رياض، زميلها في فرقة اتحاد الممثلين، واصمًا خصال ديانتها بسماتها الحقيقية بحسب وصفه، قائلاً: “صدق اللي قال يهودية”، وشهد الوسط المسرحي على واقعة شهيرة لها، حيث إنها قد أصرت على أخذ حقوقها المادية من الفنان نجيب الريحاني، وحجزت على شباك تذاكر فرقة “الريحاني” كي تأخذ أجرها بعد أن أفلس، على أثر مغامرته الجريئة في تقديم عمل مسرحي تراجيدي بعيدًا عن الكوميدي.
ضربت “شطاح” خير مثال على روح العمل الجماعي، وجدعنة أعضاء الفريق الواحد وشغفهم تجاه ما يحبون؛ فبحسب ما روت الكاتبة فاطمة رشدي في كتابها الشهير “كفاحي في المسرح والسينما”، حيث إنها نقلت عن زوجها الفنان عزيز عيد موقفًا يعبر عن شهامة الممثلة اليهودية حسبما قال: “لإستر شطاح قصة لطيفة يبدو فيها مدى التعاون الذي كان يشمل الممثلين في الزمان القديم، وكانت من أعضاء الفرقة التي ألفتها مع سليمان الحداد، ومثلنا في الإسكندرية حفلات لم ننجح فيها، وعجزنا عن دفع أجرة الفندق، وليس معنا أجرة السفر إلى القاهرة، فسافرت “إستر” بمفردها إلى القاهرة وعادت إلينا في الإسكندرية ومعها أجرة الفندق والسفر، واقترضت منها كثيرًا ورددت إليها القروض والحمد لله.”
شهامة وكرم “إستر” لم يكن على الصعيد المادي فقط، فظهر الدعم النفسي والمعنوي الذي قدمته للفنانين صغار السن المحيطين بها في مثل ذلك الوقت؛ فنجد الموسيقار محمد عبد الوهاب، قد طلب منها مساعدة صغيرة، أيام بداية عمله في فرقة “عبد الرحمن رشدي”؛ حيث إنه كان صبيًا عمره لا يتجاوز الـ ستة عشر عامًا، وكان يخرج ليغني بين فصول الروايات بعد المطربة المعروفة وقتئذ، فاطمة قدري.
طلب “عبد الوهاب” من “إستر” عام 1917، ابنة شارع محمد علي، حيث إنها كانت تقطن إحدى العمارات السكنية بـ “محمد علي”، التدخل لدى صاحب الفرقة عبد الرحمن رشدي، لصالح المطرب الصبي، لدى صاحب الفرقة كي يظهر ويغني قبل فاطمة قدري، وهو الأمر الذي قوبل بالرفض عدة مرات، وبحسب ما ذُكر في كتاب “الممثلون اليهود في مصر”، فهي تعد بمثابة الواقعة الكاشفة لحقيقة ميلاد “عبد الوهاب” في عام 1901، والذي كان لغزًا محيرًا لسنوات طويلة، لما زعمه الموسيقار مسبقًا عن ميلاده في عام 1913.