الذهب يحاول التعافي بعد هبوط لأدنى مستوى في 5 أشهر
ارتفاع عائد السندات الأمريكية يضغط على الذهب ويبقيه تحت 1900 دولار
السيولة النقدية كلمة السر وراء تحركات الذهب في مصر
ارتفعت أسعار الذهب بشكل طفيف يوم الجمعة، في محاولة من التعافي من أدنى مستوى لها في خمسة أشهر حيث شهد الدولار بعض عمليات جني الأرباح، بينما تظل المخاوف بشأن ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية تبقي أسواق المعادن تحت الضغط.
سجل سعر الذهب الفوري اليوم ارتفاع بنسبة 0.2% ليتداول وقت كتابة التقرير الفني لجولد بيليون عند المستوى 1891 دولار للأونصة، وذلك بعد أن انخفضت أسعار الذهب يوم أمس وسجلت أدنى مستوياتها منذ 5 أشهر عند 1885 دولار للأونصة.
الذهب في طريقه إلى تسجيل انخفاض للأسبوع الرابع على التوالي حيث قد يختم تداولات هذا الأسبوع على انخفاض بنسبة 1.1%، بعد أن استقرت تداولات الذهب معظم فترات الأسبوع تحت المستوى 1900 دولار للأونصة ما يزيد من الضغط السلبي على المعدن النفيس.
السبب الرئيسي وراء استمرار الضغط السلبي على الذهب والفشل في تحقيق تعافي حقيقي هو عوائد السندات الحكومية الأمريكية التي تسجل مستويات قياسية بدعم من البيانات الاقتصادية التي تزيد من فكرة بقاء معدلات الفائدة عند أعلى مستوياتها لفترة أطول من الوقت، الإضافة إلى محضر اجتماع الفيدرالي الذي صدر هذا الأسبوع وأظهر ميل أعضاء البنك إلى الاستمرار في سياسة التشديد النقدي في ظل استمرار الضغوط التصاعدية على التضخم، خاصة أن التضخم الأساسي لا يزال بعيد بشكل كبير عن مستهدف البنك عند 2%.
الأسواق بدأت تستعد لإمكانية تقبل قرار جديد برفع الفائدة 25 نقطة أساس خلال الثلاث اجتماعات المتبقية هذا العام من قبل الفيدرالي الأمريكي، وإن كانت احتمالات السوق تشير بشكل متزايد إلي أن اجتماع البنك في سبتمبر القادم لن يشهد قرار برفع الفائدة.
ولكن حقيقة استمرار أسعار الفائدة عند أعلى مستوياتها لفترة أطول من الوقت قد تصل إلى منتصف العام القادم على أقل تقدير تزعج أسواق الذهب بشكل كبير، لأن الفائدة المرتفعة تعد بيئة غير جاذبة للاستثمارات بالنسبة للذهب.
العائد على السندات الحكومية لأجل 10 سنوات سجل يوم أمس أعلى مستوياته منذ أكتوبر الماضي عند 4.328% كما ارتفع العائد على السندات لأجل 30 عام لأعلى مستوياته منذ 12 عام، وهو ما يزيد من تكلفة الفرصة البديلة في أسواق الذهب الذب لا يقدم عائد لحائزيه مقارنة مع سوق السندات.
الجدير بالذكر أن العائد على السندات لأجل 10 سنوات قد تراجع مطلع جلسة اليوم بنسبة 1.1% وهو ما ساعد أسعار الذهب على التعافي اليوم، وإنا كان الضغط السلبي لا يزال قائماً.
أما عن مؤشر الدولار فيشهد استقرار في تداولات اليوم بالقرب من أعلى مستوياته في شهرين التي سجلها يوم أمس، ولكنه يشهد بعض التذبذب ساعد على إيجاد الذهب الفرصة لتحقيق ارتفاع طفيف اليوم، بحسب تحليل جولد بيليون.
يوم أمس انخفض مؤشر الدولار في تصحيح سلبي ولكنه استطاع قبل انتهاء الجلسة أن يشهد تعافي ليقلص معظم خسائره ويغلق في المستوى 103.30 الذي يعد مستوى دعم هام خلال المناطق السعرية الحالية.
صدرت يوم أمس بيانات عن أعداد المتقدمين لطلبات اعانات البطالة الأمريكية خلال الأسبوع الماضي، لتشهد ارتفاع بمقدار 239 ألف بأقل من القراءة السابقة 250 ألف والتوقعات 240 ألف، ساهمت البيانات في إظهار مدى تماسك قطاع العمالة الأمريكي ومرونة الاقتصاد الأمريكي في تقبل المزيد من التشديد النقدي.
بينما صدر مؤشر البنك الفيدرالي فيلادلفيا عن شهر أغسطس ليظهر المؤشر الصناعي ارتفاع كبير بقيمة 12 نقطة مقارنة مع انخفاض سابق بقيمة – 13.5، لتساعد البيانات الإيجابية القوية عن الولايات المتحدة في دعم مستويات الدولار وبالتالي زيادة الضغط السلبي على أسواق المعادن والسلع وخاصة الذهب.
الصين قد تظل الداعم الأخير للذهب
الصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم تقوم حالياً وفقاً للعديد من التقارير ببناء احتياطيها من الذهب، حتى الآن خلال عام 2023 اشترت الصين بشكل رسمي 126 طن من الذهب ولكن التوقعات تشير أن الطريق لا يزال طويل أمامها لبناء احتياطي رسمي قوي من الذهب، وفق تقرير جولد بيليون
السبب الرئيسي وراء رغبة الصين في زيادة احتياطيها من الذهب هو التوترات الجيوسياسية الكبيرة بينها وبين الولايات المتحدة الأمريكية، ورغبة الصين في إنهاء هيمنة الدولار الأمريكي على الاحتياطي العالمي وذلك من خلال تنويع احتياطيها من العملات الأجنبية وشراء الذهب في المقابل.
البنك المركزي الصيني يمتلك سابع أكبر احتياطي في العالم من الذهب يصل إلى 2113.5 طن ويمثل هذا 3.8% من إجمالي احتياطيات الذهب الرسمية في العالم مقارنة مع الولايات المتحدة التي تمتلك 8133.5 طن من الذهب بنسبة 68.2% من إجمالي احتياطيات الذهب الرسمية في العالم.
تشير التوقعات أن البنك الصيني يرغب في رفع نسبة الاحتياطي لتصل إلى 5% على الأقل من الاحتياطي العالمي، وسيتطلب هذا زيادة احتياطي الصين ما يصل إلى 638 طن من الذهب.
استنادًا إلى تقدير مجلس الذهب العالمي لمشتريات البنوك المركزية العالمية في العام الماضي على الذهب وصل إلى 1136 طن، والمشتريات المبلغ عنها من قبل إحصائيات صندوق النقد الدولي أظهرت أن 65% من مشتريات الذهب لم يتم الإبلاغ عنها بشكل رسمي، وأن الصين وروسيا يمثلان جزء كبير من المشتريات الغير مبلغ عنها.
من خلال هذه البيانات يتضح لنا أن البنك المركزي الصيني سيستمر في شراء الذهب لفترات طويلة من الوقت وبكميات كبيرة الأمر الذي من شأنه أن يدعم الاتجاه الصاعد طويل الأجل لسوق الذهب العالمي، وسيعمل أيضاً على جذب مستثمرين التجزئة مما يزيد من الطلب الإجمالي على المعدن النفيس.
يجب أن ندرك أن مشتريات البنوك المركزية من الذهب لا تدعم ديناميكية تسعير الذهب على المدى القصير، ولكنه تفرض أرضية سعرية للذهب أعلى من الفترات السابقة، وبالتالي تقلل من فرص حدوث أية انهيارات كبيرة في الأسعار، وقد اتضح هذا طوال فترة رفع الفيدرالي لأسعار الفائدة منذ مارس 2022 حيث استطاع الذهب التماسك ولم تحدث انهيارات سعرية بل تراجعات ضمن نطاقات مقبولة.
أسعار الذهب في مصر
استقرت أسعار الذهب في مصر مع بداية جلسة يوم الجمعة وذلك بعد أن شهدت ارتفاع خلال تداولات الأمس، حيث تشهد الأسواق خلال الفترة الحالية عودة الطلب على الذهب إلى الارتفاع في ظل المخاوف والتوقعات باقتراب تعويم جديد للعملة المصرية مقابل الدولار.
سجل سعر جرام الذهب عيار 21 اليوم الجمعة 2275 جنيه للجرام دون تغير عن سعر اغلاق جلسة الأمس، بينما سجل سعر الجنيه الذهب 18200 جنيه.
يوم أمس الخميس ارتفعت أسعار الذهب عند الاغلاق بمقدار 15 جنيه، وخلال الجلسة سجلت أعلى مستوى عند 2315 جنيه للجرام بزيادة مقدارها 55 جنيه عن سعر الافتتاح عند 2260 جنيه للجرام.
الارتفاع في أسعار الذهب أمس بعد هبوط خلال الثلاث جلسات السابقة يدل على أن الذهب كان في حالة تجميع زخم واستعداد للارتفاع وذلك بعد انتهاء الحركة العنيفة التي شاهدناها يومي الجمعة والسبت الماضيين.
قد تدل التحركات الحالية بين صعود وهبوط على تراجع في أحجام السيولة النقدية المتوفرة لدى المشاركين في الأسواق، ولكن المخاوف من الأزمات الحالية في الاقتصاد المصري، والتوقعات المتزايدة بإمكانية حدوث خفض جديد في سعر صرف الجنيه مقابل الدولار أو تعويمه بشكل كامل يدفع المواطنين إلى شراء الذهب بكل ما هو متاح لديهم حالياً بهدف حماية مدخراتهم من خطر تراجع القيمة الشرائية للعملة.
الاقتصاد المصري لا يزال يعاني من شح العملات الأجنبية الأمر الذي يزيد من الضغط على معدلات التضخم بسبب تراجع قيمة الجنيه مقابل الدولار، بالإضافة إلى تراجع المعروض من العديد من السلع بسبب صعوبة تدبير العملة اللازمة لتحقيق عملية الاستيراد الأمر الذي يدفع أسعار هذه السلع إلى الارتفاع.