“روتين شعرك إيه انطقي”.. ثبات “كيرلي” الملكة تي يثير حيرة فتيات السوشيال ميديا فيسألنّ عن السرّ
«قوليلنا إيه هو روتين شعرك.. هي كانت بتحط ايه لشعرها عشان يفضل كدة طول السنين دي؟»، كانت هذه هي أسئلة الفتيات على مدار الساعات الماضية، عبر الصفحات المختلفة على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، عقب انتشار صورة لمومياء «الملكة تي».
وعلى هامش موكب نقل المومياوات الملكية من المتحف المصري إلى متحف الحضارة، شهدت صفحات التواصل الاجتماعي المصرية نقاشات واسعة حول شعر مومياء الملكة “تي”، حيث عبر الكثيرين عن دهشتهم من حالة شعرها رغم مرور آلاف السنين.
فسر الدكتور مختار الكسباني عضو اللجنة العليا للمتاحف المصرية، بقاء شعر الملكة “تي” كما هو بعد آلاف السنين.
وأشار الكسباني إلى أن المومياء تعرضت لعملية تحنيط عالية الدقة كونها “ملكية”، وبالتالي كان للشعر نصيب من هذه الرعاية عالية الجودة، وهو الأمر الذي تسبب في بقائه على هذه الحالة رغم مرور الزمن.
وأوضح”، أن الشعر هو من الأجزاء التي لا تتعرض للتلف في الجسم البشري، علاوة على الإضافات التي وضعها المحنطون للشعر للمحافظة على بقائه بهذه الطريقة.
وأشار إلى أن شعر الملكة “تي” كان أسود اللون وليس أحمر، ولكن تحول فيما بعد إلى اللون الأحمر، ويرجع هذا التحول إلى المواد التي تم استخدامها في عملية التحنيط، والتي أثرت على شعر المومياء فتحول اللون من الأسود إلى الأحمر.
بينما قال مجدي شاكر، الباحث في الحضارة المصرية، في حلقة خاصة عبر برنامج «السفيرة عزيزة»، على شاشة دي أم سي، إن السبب وراء ذلك هو أن «الملكة تي كان لديها خلطة خاصة بشعرها، مكوناتها جميعاً من المواد الطبيعية، ومن أهم مكوناتها دهن البقر، بالإضافة إلى زيت الخروع والصنوبر”.
وتابع: “أتمنى في يوم ما أن نقوم بتصنيع منتج للشعر تحت مسمى الملكة تي “.
وكشف زاهي حواس، عالم الآثار، في تصريحات لبرنامج “الحكاية” على قناة إم بي سي مصر، أن سر الاحتفاظ بجمال شعر الملكة تي، يعود إلى أنها كانت تستخدم لشعرها “حنة” قديمة وبعض المكونات العشبية التي استخدمت فيما بعد في أعمال التحنيط، ليس ذلك فحسب، بل أنها عند مو تها قاموا بوضع خلطات من الحنة وتقنيات التحنيط لحفظ شعرها.
مونيكا حنا، عالمة الآثار المصرية وعميدة كلية الآثار والتراث الحضاري بالأكاديمية العربية للعلوم البحرية، كشفت عن عوامل أخرى وراء الشعر الكثيف والمميز للملكة تي.
وقالت “حنا”، في لقائها مع الإعلامية لميس الحديدي في برنامج “كلمة أخيرة”، إن الملكة تي بجانب اعتمادها على “الحنة”، كان هناك أيضا أدوات العناية بالنظافة من المياه الجارية للغسل و”الحنة” للاستخدام على الشعر.
وشهدت صفحات التواصل الاجتماعي المختلفة، جدلاً كبيرًا وذلك بسبب شعر مومياء الملكة «تي»، حيث عبر الكثيرين عن دهشتهم من بقاء شعرها لآلاف السنين.
وقالت أحد نشطاء السوشيال ميديا: «قومي يا ماما الحاجة قولي لنا ده سمنة ولا جرجير اللي قعد 6000سنة».
وعلقت آخرى قائلة: «الجميل أنه بيمثل أغلبية شعر المصرين اللي هو مش أفرو أوي ولا مفرود ونص ويڤي وفتلته رفيعة وناعمة».
وكتبت آخرى: « يعني انتوا كتبتوا عن الزراعة والهندسة والطب وجيتوا لحد وصفات الشعر ومكتبتوش حاجة.. يا ولية انطقي روتين شعرك ايه ؟!».
وسخر أحد الرواد قائلًا: « لكل اللي بيسال عن السر وراء عدم تساقط شعر الملكة تي حتى الآن.. والذي أثار حيرة وتساؤلات الجميع!.. “قبل موتها بدقائق وبعد أن انتابتها الشكوك حول خيانة زوجها لها، واجهته ورفعت سبابتها وأقسمت قائلة : وحياة شعري ده واللي ما يبقى على واحدة ست انت بتخوني يا أمنحتب.. فتظاهر أمنحتب بالانفعال وأقسم على قسمها قائلًا: وحياتك انتي عندي أنا عمري ما بصيت لواحدة ست غيرك.. فانتهت حياتها في التو واللحظة على نفس هيئتها».
لغز المومياء الملكية
وعُثر على مومياء الملكة “تي” بجوار مومياوتين في غرفة جانبية من مقبرة الملك أمنحتب الثاني وذلك بواسطة عالم الآثار فيكتور لوريه وكان في عام 1898م، ولم يُعرف وقتها أن المومياء للملكة “تي”.
وكانت المومياء الثانية لصبي توفي في سن العاشرة، والمومياء الثالثة لامرأة غير معروفة أصغر سنا، وتم العثور على الثلاثة جميعًا معا ممدين عرايا وغير معرفين بأي من الحلي في غرفة جانبية من مقبرة الملك أمنحتب الثاني.
وفي عام 2010 حلل الدكتور زاهي حواس الحمض النووي، ونجح في التعرف رسميًا على السيدة الكبيرة بأنها الملكة تي، حيث كانت خصلات الشعر الموجودة داخل مقبرة توت عنخ آمون مطابقة للحمض النووي لمومياء الملكة “تي”.
من هي الملكة تي؟
الملكة “تي” هي ابنة المستشار “يويا” النبيل من أصل شعبي غير ملكي من بلدة أخميم بسوهاج في صعيد مصر، والذي يعتبر من أشهر مستشارين مصر القديمة لزوجها الملك أمنحتب الثالث وهو الملك رقم “9” من ملوك الأسرة الـ “18”، وهي أم الملك “أمنحتب” الرابع الملقب بالملك “إخناتون” والذي يعتبر الملك الـ “10”ملوك الأسرة الـ 18، وجدة الملك الصغير “توت عنخ آمون”
قصة “أمنحتب وتي” واحدة من أقدم قصص الحب في التاريخ، وهي القصة التي كادت أن تتسبب في ضيـ ـاع العرش من أعظم ملوك مصر القديمة، وهو الملك أمنحتب الثالث الذي يعنى أسمه “أمون راضي” وهو من ملوك الدولة الحديثة الأسرة 18، والذي حكم مصر في الفترة من 1391 وإلى 1353 قبل الميلاد.
كان أمنحتب معروف باهتمامه الشديد بالرياضة والصيد والقنـ ـص واللذان برع فيهما بشكل كبير، حيث عثر على أدلة من الدولة القديمة تحكي أنه اصطاد 100 ثور بري خلال رحلة صيد ملكية استغرقت يومين، كما قتـ ـل 102 أسد في رحلات صيد خلال 10 سنوات من ارتقائه العرش.
ولكن الصياد الماهر وقع في شباك الحب عندما وقع نظره على “تي” والتي كانت فتاة من عامة الشعب وليست من البيت الملكي، ليقع في هواها وحبها حتى وصل الأمر به إلى الإصرار على الزواج من محبوبته، وهو ما يعتبر أمرًا غير مقبولا بالمرة في العصور القديمة حتى كاد يفـ ـقد عرشه الملكي.
وولدت الفتاة “تى” محبوبة أمنحتب التي لم تكن تحمل دمـ ـاءً ملكية، من أبوين يعيشان في أخميم، وكان أبوها ضابطًا بالجيش، وترقي حتى حصل على رتبة قائد العجلات الحربية، أما أمها فكانت كاهنة في معبد الإله “مين” مما أتاح لتي أن تحصل على قدر من الثقافة.
ولجأ أمنحتب إلى كهنة آمون ليتغلب على مشكلة عدم ملكية دمـ ـاء “تي” التي تعلق قلبه بها، فاقترحوا عليه إقامة معبد لآمون “إله طيبة” وهي أحد مناطق مصر القديمة، وبداخل المعبد شيد أمنحتب حجرة للولادة الإلهية، حيث ادعى الكهنة أن أمنحتب الثالث هو نتاج لمعاشرة الإله آمون لأمه، وبذلك يكون “ابن الإله”.
وتخطى أمنحتب عقبته أمام زواج محبوبته بهذه الحيلة؛ لأن كونه ابن إله لا يجعله من السلسلة الملكية، وبالتالي من حقه الزواج بمن يريد دون أن يهـ ـدد هذا الزواج عرشه الملكي.
وقام أمنحتب بتخليد عقد زواجه على “تي” بأن أمر بنقشه على الجعران (نوع من الخنافس الطائرة التي عاشت وقت الفراعنة) الذي يطوف حوله المئات كل يوم داخل معابد الكرنك الشهيرة في مدينة الأقصر.
وفى السنة الحادية عشرة من حكمه خلال فترة فيضان النيل، أمر أمنحتب بحفر بحيرة كبيرة لتتجول فيها “تي” بقاربها الملكي وتحيطها الأشجار من حولها، رغبة منه في تقديمها هدية لزوجته المحبوبة، وبالفعل تم حفرها بمشاركة آلاف العمال.
وشهدت فترة حكم أمنحتب استقرار ورخاء البلاد تمثلت في بناء العديد من المعابد منها عدة معابد في طيبة ولكن دمـ ـر العديد منها بعد ذلك، إضافة إلى معبد الإله مونتو “إله الحـ ـرب” في الكرنك، ومعبد آخر للآلهة مـ ـوت زوجة الإله آمون رع، وأعظم بناء أقامه أمنحتب في طيبة معبده الجنائزي، والذي وجدت له آثار في منطقة الدلتا وطرة وفي بنها ومنف والجيزة والكاب وأرمنت وأيضًا في سيناء.
وكشفت مراسلات العمارنة التي اكتشفت خلال عمليات التنقيب المكثفة، أن الملكة “تي” شاركت في الكثير من أمور وتقاليد سياسة مصر الخارجية وقتها، وبالأخص عندما مـ ـر ض زوجها في أواخر فترة حكمه بل وشاركته فعليًّا في حكم أقوى حضارات العالم.
وعُرفت الملكة “تي” بأنها زوجة ملك وأم ملك، وجدة ملك، فأصبح لها العديد من الألقاب الفرعونية المختلفة المتعلقة بالآلهة، ولها دور مهم في تولي توت عنخ آمون عرش البلاد، ليصبح ملكًا على أرض “كمت” والذي تعني مصر.
يأتى هذا فيما، شهدت احتفالية موكب نقل المومياوات الملكية، مساء السبت 3 إبريل 2021، بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسى، غناء المطربات ريهام عبد الحكيم، ونسمة محجوب، والسوبرانو المصرية ومغنية الأوبرا أميرة سليم، خلال فقرة غنائية، وهو الحدث الذى شهده العالم كله باهتمام بالغ.
ويضم موكب المومياوات التى ترجع إلى عصر الأسر 17، 18، 19، 20، من بينها 18 مومياء لملوك و4 مومياوات لملكات، وهم: “الملك رمسيس الثانى، رمسيس الثالث، رمسيس الرابع، رمسيس الخامس، رمسيس السادس، رمسيس التاسع، تحتمس الثانى، تحتمس الأول، تحتمس الثالث، تحتمس الرابع، سقنن رع، حتشبسوت، أمنحتب الأول، أمنحتب الثانى، أمنحتب الثالث، أحمس نفرتارى، ميريت آمون، سبتاح، مرنبتاح، الملكة تى، سيتى الأول، سيتى الثانى”.