في أواخر الأربعينيات أفاضت الصحف في الحديث عن “الإنسان الغزال” الذي عثر عليه في الصحراء الواسعة على حدود سوريا وشرق الأردن.
ولقد اختلفت الروايات بشأنه وتضا ربت آراء القراء في حقيقة أمره، فمنهم من قال إنها قصة من نسيج الخيال، وأن أولئك الصيادين لم يروا غزالا أو شبه غزال وأن طرزان سراب الصحراء قد خد عتهم.
ومنهم من قال إن الحج “محمد عياش” زعيم إحدى قبائل بني شعلان الذي قيل أنه آوى “الإنسان الغزال” قد اختلق هذه الرواية وأخذ يروجها للدعاية لنفسه ولقبيلته.
قال “حسين حسني” وهو مصري يقيم في القدس بفلسطين وكان أول من كتب عن هذا الموضوع واستدعته إلى مصر فأدلى بالمعلومات التالية:
قال: كان تسعة من الصيادين قد خرجوا في سيارتين للصيد في مكان يبعد عن عمان بنحو 400 كيلو متر، ولكن فــ جأ ة ظهر لهم قطيع كبير من الغزلان فتبعوه بسيارتيهم واستمرت المطا ر دة ساعة كاملة بلغت فيها سرعة السيارتين نحو ستين كيلو مترًا في الساعة.
وتبينوا وسط القطيع صبيًا يجري على رجليه، ولم يلبث أن خر على الأرض من شدة التــ عب فأسرعوا إليه ولكنه صر خ فيهم صر خة أفزعتهم ولكنهم تمكنوا من ربطه بالحبال وحملوه إلى السيارة.
ودار حديث بين الصيادين حول هذا المخــ لوق العجــ يب، وقال أحدهم أنه لابد أن يكون قد وقع وهو طفل صغير في أيدي قطيع من الغزلان فتعهدته الغزلان بالرعاية واكتسب صفاتها.
وقمنا برحلة طويلة شا قة إلى أن وصلوا إلى “قمر” وهي بلدة تقع بين الحدود السورية العراقية.
وقال : هناك وجدناه في رعاية القبيلة، وحدثني حارسه الذي كان يجلس على باب الخيمة التي أودع فيها “الإنسان الغزال” وكان يمسك بيمينه بند قية وبيساره سو طًا، فقال لي:
أن الصبي ينام على جنبه الأيمن فقط ولم ير قط ينام على ظهره أو بطنه، وهو يتمتع بحاسة سمع قوية جدًا ولا يتكلم أبدًا بل يغمز بعينيه، وأنه كثير الابتسام وأيضًا كثير الغــ ضــ ب والعــ بو س وخاصة عندما يرى إنسانًا غريبًا لم يراه من قبل، وقال أيضًا أنه حاول كثيرًا أن يلبسه ما يستر جسده ولكنه في كل مرة يمزق هذه الملابس.
وعندما رأي هذا الكائن العجــ يب قال: يا لعجب ما رأيت فوجهه جميل وشعره أشقر وعيناه نجلاوان وطلعته بهية ولون جسمه أبيض يضرب إلى اللون الخمري ويكسو بدنه شعر أبيض خفيف، وهو نحيف القوام ولكنه قوي البنية وساقاه طويلتان ولا يختلف عن الإنسان العادي في شيء.
ولكنه يختلف عن الإنسان في نوعية الأكل الذي يأكله، فقد رفض في أيام أسره الأولى أن يأكل ما يقدم إليه من ألوان الطعام مكتفيًا بالحشائش ثم تعود شيئًا فشيئًا على أكل اللحوم والفواكه ببذورها ويأكل الخضروات نيئة، وقد حفر رجال القبيلة حفرة ليشرب منها وهو لا يشرب إلا نائمًا على بطنه ويعــ ب الماء عبــ ًا.
وقال رجال القبيلة أن ثلاث حكومات تسعى لأخذه ولكن زعيم القبيلة لا يريد ورفض أن يتقاضى ألف جنيه لتسليمه لأنه يريد تدريبه ليساعده في صيد الغزلان نظرًا لما يتمتع به من سرعة خارقة في الجري.
ولهذ السبب يحرص زعيم القبيلة على إ خفا ئه عن أعين الناس وخاصة رجال الطب والسلطات الحكومية، ولا يهتم بمعرفة حقيقة قصته التي فاقت في غرابتها كل خيال!.