وفرت له النقابة شقتين لكنه تركهما.. عبدالعزيز مكيوي فنان قدير حوله الفقر والشيخوخة إلى “مجذوب” متسول في شوارع الحُسين
لا تستهن بأحزان الذي غالبه الفقد، قد يتنهي به الحال لأحد “مجاذيب” الحُسين، أو متسولًا في شوارع الإسكندرية يجلس على كرسي متحرك، وأنفاسه الأخيرة تتركه على سرير أحد دور المسنين، بعد محاولة فاشلة أن يعيش بدونها، أرهقته نفسيًا، فمو ت رفيقته أخل بتوازنه، حتى رحل لها.
عبد العزيز مكيوي، أو “علي طه”، الثائر في وجه فساد واحتلال “القاهرة 30″، عانى من اضطرابات نفسية، منذ أن توفت زوجته التي تربطه بها قصة حب قوية، فانطوى على نفسه، التي عرف عنها عزتها الشديدة، حيث رفض الكثير من المساعدات التي قدمت له من نقابة المهن التمثيلية، أو المارة في أحد شوارع الإسكندرية، بعد تعرضه لحا دث سير 2011، ألزمه الكرسي المتحرك، رافضًا العلاج على نفقة الدولة.
ولد مكيوي، في 29 يناير عام 1934، حصل على بكالوريوس الفنون المسرحية عام 1954، شارك في عدد من الأعمال الفنية، من أبرزها فيلم “القاهرة 30″ و”لا وقت للحب” و”حتى لا تطفئ الشمس” وسلسلة “خماسية الساقية”، وكان آخر أعماله مسلسل “أوراق مصرية” عام 2003.
تحدث مكيوي “المثقف” ثلاث لغات بطلاقة، الفرنسية والإنجليزية والروسية، وحصل على دبلومة في السياسة وأخرى في ترجمة الأدب، وبعد فيلم “القاهرة 30” سافر في بعثة إلى الاتحاد السوفييتي لدراسة الإخراج ثم أكملها في إنجلترا.
في 2006، شوهد في شوارع حي الحُسين، متجولا طوال النهار بلا هدف وأمام مسجد سيدنا الحسين، حتى وصفه سكان الحي أنه من “مجاذيب” المسجد، وقابلته الصحفية “سحر صلاح الدين” التي كتبت في مقال لها عام 2015، إنها ذات يوم كانت تتجول في أحد شوراع القاهرة حين التقت بأحد المتسولين يطلب يد العون، فقامت بسحب مبلغ مادي من محفضتها وأعطته له وحين ألقت نظرة على عينه وجدت المفاجئة، وهي فنان يتسول عرفت على الفور أنه عبد العزيز مكيوي.
انتشرت صور لـ”مكيوي”، بعد ذلك، يعاني من الإرهاق، المر ض، وملامح الشيخوخة، يجلس على الرصيف في الإسكندرية، على مواقع التواصل الاجتماعي، فأثارت جدلًا واسعًا، وقام الفنان حمزة الشيمي بتدشين صفحة على “فيسبوك” في عام 2013 أطلق عليها اسم “مأساة الفنان عبد العزيز مكيوي” لمحاولة مساعدته.
علق الفنان سامح الصريطي، عضو مجلس نقابة المهن التمثيلية أنذاك، على انتشار هذه الصور، “للأسف مر المكيوى بظروف صعبة ولكن عمر الظروف لم يتخطى الشهر الواحد، فلهذا يحزنني أن يعاد نشر الصور لدرجة أنها تغطي على صور الأعمال الرائعة والمشاهد البديعة التي قدمها في الأعمال السينمائية المهمة التي شارك فيها، وتعتبر من العلامات البارزة في تاريخ السينما المصرية”.
وتبين بعد ذلك أن النقابة وفرت له شقتين من قبل إلا أنه تركهما ليتسول في الشوارع، وأكد سكرتير عام نقابة المهن التمثيلية في مصر محمد أبو داود، أن النقابة حصلت على قرار بعلاجه على نفقة القوات المسلحة المصرية مجانًا، إلا أنه خرج منها بإرادته، حتى نقله رمزي العدل، إلى دار مسنين في مصر الجديدة، حتى رحل في صباح 18 يناير 2016، عن عمر ناهز 82 عامًا.