رغم مرور عشرات السنين يبقى فيلم “غزل البنات” واحدا من أهم الأفلام العربية، والذي بالفعل يحتل المركز التاسع في قائمة أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية.
الفيلم سيمفونية رائعة تجمع بين الضاحك الباكي نجيب الريحاني ونجمة الأربعينات ليلى مراد، مع عميد المسرح يوسف وهبي وموسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، مزيج لا يصنعه إلا العبقري المخرج أنور وجدي، وبمناسبة مرور 67 عاما على أول عرض لفيلم غزل البنات، نستعرض 10 حقائق عن الفيلم الأسطوري قد لا يعرفها الكثيرين.
1- “المصعد ” وراء صناعة هذا الفيلم
كانت “ليلى مراد” جارة نجيب الريحاني في أشهر عمارة بالقاهرة في القرن الماضي “الإيموبيليا”، وبالصدفة جمع مصعد العمارة بين ليلي والريحاني، وعرض عليها الأخير فكرة تقديم فيلم مشترك يجمع بينهما، فعرضت “ليلي” الفكرة على زوجها أنور وجدي، ونالت الفكرة موافقته، بعدما أدرك بذكائه كمنتج ومخرج أنه بصدد عمل أسطوري فكتب فيلم “غزل البنات” الذي عرض عام 1949.
2- الظهور الأول لهند رستم
من المعروف أن الفاتنة الشقراء هند رستم قد ظهرت في مشهد أغنية «اتمخطري واتمايلي يا خيل» للفنانة ليلى مراد في فيلمها «غزل البنات» عام 1949، ولكن لذلك المشهد قصة طريفة روتها هند.
الفنانة المصرية وخلال حوار صحفي أكدت أنها كان من المفترض أن تظهر في أكثر من مشهد كإحدى صديقات البطلة، وقد تم تصوير الأغنية أولًا، وبعد أيام جاء وقت تصوير باقي المشاهد.
وحينما تفحصها مخرج الفيلم الفنان أنور وجدي مع الفتيات الأخريات فوجد أن عمرهن صغير للغاية مقارنة بليلى مراد ولا يصلحن أن يكن صديقاتها، فقرر استبدالهن بممثلات أخريات في باقي المشاهد، ولكنه احتفظ بمشهد الأغنية وبقيت إطلالة هند المميزة خلف ليلى مراد من أحد الأشياء التي تعتز بها في تاريخها الفني.
أول فيلم قامت هند رستم بأدائه كان عام 1947 بعنوان «أزهار وأشواك» مع يحيى شاهين، ثم قدمت فيلم «الأب» مع زكي رستم في نفس العام.
3-آخر مشاهد “حمام وليلى”
بعد خروج ليلى وحمام من فيلا “يوسف بك” من المفترض أن تكون ليلى سعيدة لأنها ستلتقي بحبيبها وتترك أستاذ حمام لكن أثناء التصوير كلما كان يبكي حمام ويودعها كانت ليلى تبكي معه، فيتم إعادة تصوير المشهد من جديد حتى أن أنور وجدي همس في أذنها متسائلا: “هل تحبيه؟”.
وقالت ليلى مراد في حوار صحفي إنها لم تكن تستطيع مقاومة دموعها لأنها كانت تشعر أنها ستفارق نجيب الريحاني بالفعل.
4-“ضحكة” ليلى
من منا لا يتذكر مشهد وجود أستاذ حمام في قصر الباشا وانتظاره لمقابلته، بينما تدخل عليه “ليلى” وتبحث عن سوارها الذي اختفى، ثم تسـ ـخر ليلى من هيئة حمام، وينتهي المشهد بضحكة عالية “غير معتادة “من ليلى مراد لتستهـ ـزئ بأستاذ اللغة العربية.
في بداية مشوار ليلى مراد وتعاونها مع المخرج محمد كريم، قال إن الفنانة ليلى مراد كانت تخجل عندما تضحك، وعند تصوير أي مشهد يتضمن ضحكة، كانت ليلى تقول الكلام ثم تضحك “ضحكة صامتة” بدون صوت ويلجأ المخرج محمد كريم لفتاة من الكومبارس ليسجل صوت ضحكتها ويضعها على ابتسامة ليلى الصامتة، فهل تخلصت ليلى مراد من الخجل أم لجأ أنور وجدي لنفس الحيلة؟
5-رحيل الريحاني ونجاح الفيلم
في يوم 8 يونيو 1949 رحل الريحاني، وكانت صـ ـد مة للجميع ولكن بالنسبة لمنتج الفيلم أنور وجدي كان يجب عليه التفكير في طريقة لينهي الفيلم بشكل جيد بعد رحيل البطل الذي لم يكمل مشاهده الأخيرة، فلجأ أنور إلى تغيير النهاية، ويقال إن المشهد المتبقي كان يجمع بين الباشا سليمان نجيب وليلى مراد والريحاني الذي يحاول إقناع الباشا بزواج ليلى وأنور.
أنور وجدي والذي اعتاد تسويق أفلامه بطرق مختلفة، عرض الفيلم بعد رحيل الريحاني في إشارة إلى أنه آخر أعماله، وقرر أنور أن العرض الأول للفيلم سيقتصر فقط على السينما المقابلة لأحد مقاهي شارع عماد الدين والتي اعتاد أن يجلس عليها الريحاني، كتخليد لذكرى “الضاحك الباكي” لكن في الواقع هذا القرار جعل الفيلم يحقق إيرادات هائلة واستمر فترة طويلة بالسينما.
6- دمـ ـوع “أستاذ حمام” الصادقة في أغنية عاشق الروح
كل عشاق “أستاذ حمام” أو الريحاني شعروا بالحز ن عندما ترقرقت الدموع في عينيه أثناء أغنيه عاشق الروح، والتي يسمعها “أستاذ حمام” في فيلا يوسف بك وهبي وتحرك مشاعره، وكانت هذه الدموع حقيقية وصادقة، كما يروي الموسيقار محمد عبد الوهاب.
قبل تصوير المشهد عرض المخرج أنور وجدي على الريحاني وضع “مادة جلسرين ” تحت عينيه وكأنه يبكي، وهي حيلة سينمائية معروفة، لكن الريحاني رفض ثم انفرد بنفسه دقائق وخرج وهو يبكي بشدة وصدق، وصور أنور هذا المشهد العبقري، وبعد ذلك قال الريحاني لعبد الوهاب إنه يملك الكثير من الهموم التي تحرك حزنه ودموعه بسهولة، ويُقال إن الحز ن الأكبر في حياته كان بسبب شقيقه الذي اختفى بشكل مفاجئ وفـ ـقد ه الريحاني للأبد.
7-الملحن منير مراد يظهر كمساعد مخرج
الملحن منير مراد وشقيق ليلى مراد اشترك كمساعد مخرج لأنور وجدي في الفيلم، وظهر في الصور التي جمعت بين بطلي الفيلم الريحاني وليلى.
8- مشهد القراءة
هل تتذكر مشهد القراءة الشهير بالفيلم والذي انتهى بفصل الأستاذ حمام من المدرسة، كانت تلك الطالبة من تلميذات الريحاني هي الفنانة “نبيلة السيد” في العاشرة من عمرها.
9-رأي محمد عبد الوهاب في الفيلم
موسيقار الأجيال هو أستاذ “ليلى مراد”، وظهوره في الفيلم أضاف كثيرا، وخصوصا الأغنية التي تكشف مشاعر أستاذ حمام لتلميذته ليلى “عاشق الروح”.
أما رأي عبد الوهاب في الفيلم وفي بطلته، فصرح لمجلة الكواكب عام 1949، وقال إن أبرز ما في ليلى أنها تسعى دائما للتغير والتحول، ولا ترضى بأي وضع هي فيه، لذلك أجـ ـبرت زوجها أنور وجدي أن يقدم لها شخصية جديدة ومبتكرة لتظهر بها في فيلم “غزل البنات”، كما أجبر تني أنا أني ألحن لها ألحانًا جديدة وأضع موسيقى خاصة من لون جديد.
10- الصورة الأخيرة
إذا دققت في مشهد النهاية عندما تقترب الكاميرا من وجه الريحاني سترى نظراته الدرامية والساخرة أيضا، وكأنه يشعر أن هذه هي المرة الأخيرة له على الشاشة فيخلد وجه الريحاني قبل رحيله ويظل جزءا لا يمحي من ذاكرة السينما.
ومن الأمور المثيرة أن الريحاني كان قد رثا نفسه قبل رحيله بـ15 يومًا بِطريقة ساخرة، وقال: “مـ ـا ت نجيب، مـ ـا ت الرَجل الذي اشتكى منهُ طوب الأرض وطوب السَّماء ..ما ت الريحاني في 60 ألف سلامة”!!