حفل أسطوري ضخم، عاد بنا إلى الوراء، فـ طريق الكباش الذي أبهر العالم، بحفل افتتاحه أمام العالم، ومساهمته في تحويل مدينة الأقصر إلى أكبر متحف أثري مفتوح في العالم، كان قديمًا يشهد أيضًا أحد أكبر الاحتفالات الدينية للإله آمون، في عصر الدولة الحديثة.
طريق طويل يمتد بين معبدي الكرنك، والأقصر، تحيط الكباش جانبيه، فكان الفرعون يسير على رأس موكب عظم وخلفه الكهنة وكبار رجال الدولة خلال طريق الكباش، أثناء الاحتفالات الملكية.
يُشاع دائمًا وجود «لعنة الفراعنة»، التي تتسبب في مقتل أي شخص يقترب من الأثار الفرعونية، ومحاولة فتح مقابرهم، والغرف التي تحتوي على الآثار الثمينة، وطريق الكباش أحد تلك الممتلكات الفرعونية، وإن كان طريق مفتوح أمام الجميع.
مكتشف طريق الكباش
في أربعينيات القرن الماضي، كان هناك عالم مصريات شغفه الوحيد في الحياة، التنقيب عن الآثار، واكتشاف العصر الفرعوني الغني بالإبداع الفني والمعماري، والطبي، في حقيقة الأمر كان القدماء المصريون بارعين في كافة المجالات التي تثير شغف الجميع لاكتشافها.
يرجع الفضل في اكتشاف طريق الكباش، للدكتور زكريا غنيم، عالم المصريات، في أواخر الأربعينيات من القرن الماضي، والذي ولد عام 1905م، في محافظة دمياط.
بدأ عالم المصريات الدكتور زكريا غنيم، عمله كأثري في منطقة سقارة قبل الحرب العالمية الثانية في الفترة ما بين 1939-1945 م، وانساق غنيم وراء شغفة بالمنطقة، حيث تم تعيينه مفتشًا للآثار في أسوان، وظل في المنطقة لمدة عشر سنوات، ليصبح فيما بعد كبير مفتشي صعيد مصر عام 1946م.
اكتشافاته في طريق الكباش
اكتشف زكريا غنيم أول 8 تماثيل موجودين في بداية طريق الكباش من ناحية معبد الأقصر عام 1949م، ولم يتوقف عند ذلك الحد، لكن استمر في البحث والتنقيب، ساعيًا وراء استفهام، لماذا لا يملك ملوك الأسرة الثالثة أهرامات مثل ما فعل الملوك قبلهم؟!، وظل يعمل وعاد ثانية إلى منطقة سقارة ككبير مفتشي آثار سقارة، واستمرت أعمال الحفر ليكتشف قاعدة هرم كبيرة لم يتم استكمال بنائها، واعتقدت الخرائط بالخطأ أنها مجرد هضبة.
وتوالت الاكتشافات التي قام بها، وأصبح رائد الاكتشافات الأثرية حيث وجد عدد من المومياوات التي ترجع إلى العصر البطلمي، وعثر على 62 ورقة من أوراق البردي مكتوبة باللغة الديموطيقية يرجع تاريخها للأسرة الـ26، ومذكور عليها اسم الملك أحمس الأول.
زاد شغف زكريا غنيم، بالأمر، واستمرت أعمال التنقيب والحفر، حتى تم اكتشاف هرم مُدرج لم يقترب منه أحد من قبل، حيث تم سد مداخله بالحجارة، وأكتشف غنيم وجود أواني حجرية محفور عليها اسم الملك زوسر الثاني، أحد ملوك الأسرة الثالثة، وأبن الملك زوسر، ليجيب بهذا الاكتشاف على تساؤلاته بعدم وجود أهرامات للأسرة الثالثة، ويصبح حدث تداولته الصحافة العالمية عام 1954م.
هل أصابته لعنة الفراعنة؟!
زادت إنجازات عالم المصريات الدكتور زكريا غنيم، المتتالية، ظل يُكرس حياته كلها لعمله وشغفه بالآثار واكتشاف العصر الفرعوني، إلى أن تم اتهامه بسرقة وتهريب الآثار، ولم يتمكن من إثبات براءته، وتوفي منتحرًا عام 1959م.