كثيرا ما يتعرض الإنسان لبعض المواقف الغريبة أو يوشك على الموت ولكن ينجو فى آخر لحظة، ولكن أن يعود من الموت بعد أن يستعد أهله لدفنه وتشييعه فهذا نادراً ما يحدث، ولكنه حدث للفنان الكبير كمال الشناوى.
وفى أحد حواراته النادرة حكى كمال الشناوى عن قصة عودته من الموت بعد أن استعد أهله لدفنه وتعرف والده على جثته.
وقال الفنان الكبير أنه عندما كان فى الصف الثانى الثانوى كان يهوى الخطابة ويقتنص أى فرصة ليخطب فى زملائه بحماس فيتأثرون بما يقوله، مشيراً إلى أنه كان يجد فى الخطابة بديلاً عن هوايته المفضلة وهى التمثيل خاصة وأنه لم يكن يوجد فى مدرسته فريقا للتمثيل.
وأوضح كمال الشناوى أنه كان دائما يخطب فى زملائه خاصة أثناء الأحداث السياسية الساخنة التى شهدتها هذه الفترة والتى كانت تعانى فيها مصر من الاحتلال عام 1936 ، وكان أسلوبه فى الخطابة يشعل الحماس بين زملائه فيخرجون للمشاركة فى المظاهرات، ولذلك كان ناظر المدرسة يغضب منه ويستدعى والده الذى يلومه لوماً شديداً ويتعهد أمام الناظر بأن ابنه لن يعود لذلك مرة أخرى ، ويعنف ابنه حتى أخذ عليه تعهد بألا يشارك فى أى مظاهرة وأن يعود فوراً إلى البيت إذا خرج زملائه فى المظاهرات.
ولكن الابن لم يمتثل لأوامر والده ولم ينفذ التعهد وشارك فى اليوم التالى بمظاهرة انطلقت بميدان لاظوغلى، وحمله زملائه على الأعناق وهو يهتف ويخطب فيهم ، فإذا به يرى والده أمامه ، فتهرب منه، وبعد انتهاء المظاهرة عاد للبيت ولم يكن والده موجوداً، وأخذت والدته تعنفه ولم تسمح له بالدخول إلى البيت امتثالاً لأوامر أبيه، فهددها الابن قائلاً:” أنا همشى ومش هتشوفوا وشى تانى”.
وأوضح كمال الشناوى أنه ذهب إلى أحد أصدقائه ليبيت عنده وكان ينوى أن يعود فى اليوم التالى لمنزله، وعاد والده ولم يجده وظل يبحث عنه فى كل مكان دون جدوى، وانهارت والدته فى البكاء كلما تأخر الوقت وهى تتذكر تهديد ابنها ، وعندما انتصف الليل ذهب الأب إلى قسم شرطة السيدة زينب ليبلغ عن اختفاء ابنه ويطلب مساعدة القسم فى البحث عنه.
ولكن كانت المفاجأة فى قسم الشرطة حين أخبر الضابط والد كمال الشناوى بأنه تم العثور على جثة شاب بنفس عمر ابنه ومواصفاته دهسه الترام ، ودعاه أن يذهب للمشرحة كى يتعرف على الجثة، وانهار الأب وذهب للمشرحة وهو يبكى ، ونظر إلى جثة الشاب الذى يشبه ابنه ولا تظهر ملامحه وسقط وهو يصرخ :” هو كمال ابنى”.
وأشار كمال الشناوى إلى أن والده عاد للبيت محطماً ليخبر والدته بما حدث لابنها فانهارت الأم وعم الصراخ البيت واجتمع الأهل والجيران لمواساة الأسرة ، ومع الساعات الأولى للصباح ، ذهب بعض الأقارب لإنهاء إجراءات الدفن، وعرف زملاء كمال فى المدرسة بخبر وفاته وبكوا ومعهم المدرسين والناظر ، وفى غمرة حالة الحزن التى عمت المدرسة والشارع والعائلة دخل كمال الشناوى ومعه زميله الذى بات ليلته عنده إلى مدرسته وكانت مفاجأة للجميع ، وحمله زملائه على أعناقهم وطافوا به المدرسة ثم ذهبوا به إلى منزله لتصيب الصدمة الجميع وهم يرون ابنهم الميت وقد عاد ، وبكى والده واحتضنه بينما أغمى على والدته، ولم تصدق نفسها حين أفاقت ورأت ابنها أمامها، وانقلب الحزن إلى فرح وهلل الجميع.
وأكد كمال الشناوى أنه من يومها قرر ألا يشارك فى أى مظاهرة وأن يتحول من الخطابة إلى التمثيل.