حفظ القرآن وعمل بالصحافة وتزوج من مسيحية.. أسرار في حياة “الكونت دي نابلوز” عبد السلام النابلسي
هو حسب الله السادس عشر في فيلم “شارع الحب” صاحب مقولة “متبسطهاش أكتر من كدا”، وإشتهر أيضاً بشخصية المنوم المغناطيسي الذي يستطيع التحكم في الآخرين بقدرات خاصة، فاشتهر بجملة “نام شد اللحاف” و”يا أيتها السماء صبي غضبك على الأغبياء”.
أطلق عليه زملاؤه في الوسط الفني لقب “الكونت دي نابلوز” هو الممثل عبد السلام النابلسي واحد من أهم نجوم الكوميديا في جيله، إشتهر دائماً بتقديم شخصية صديق البطل، ولم يحصل على البطولة سوى مرات قليلة للغاية، لكن ظلت أدواره من أهم الأدوار في تاريخ السينما المصرية.
في الثالث والعشرين أغسطس عام 1899، ولد عبد السلام النابلسي، وهو فلسطيني الأصل، بمدينة طرابلس في لبنان، حيث تعلم اللغة الفرنسية، وكان جده قاضي نابلس الأول ووالده أيضاً، وقد نشأ وسط عائلة متدينة، وحينما وصل إلى العشرين من عمره أرسله والده إلى القاهرة من أجل الإلتحاق بالأزهر الشريف، الأمر الذي جعله يحفظ القرآن الكريم وكان بارعاً في اللغة العربية .
أحب عبد السلام النابلسي الفن لذلك قطع والده عنه المصروف وقتها، فقرر أن يجد عملاً وظل يبحث عن فرصة حتى قدم شخصية الخادم في مسرحية “راسبوتين” مع يوسف وهبي.
في عام 1925 عمل عبد السلام النابلسي بالصحافة الفنية والأدبية في العديد من المجلات، مثل مصر الجديدة واللطائف المصورة والصباح.
في عام 1929 عُرضت عليه أول فرصة في السينما من خلال المنتجة والممثلة آسيا، والتي رشحته ليشارك في فيلم “غادة الصحراء”، لينطلق بعدها نحو عالم التمثيل والإخراج.
ففي عام 1931 قدّم عبد السلام النابلسي “وخز الضمير”، وبعدها بعام قدم “الضحايا”، وفي عام 1934 قدم “عيون ساحرة”، وبعدها بعامين قدم “الهارب”، وفي عام 1937 قدم “وراء الستار”، وبعدها بعام قدم “نفوس حائرة”، وفي عام 1939 قدم “ليالي القاهرة”، وفي العام نفسه قدم بائعة التفاح والعودة إلى الريف والعزيمة وفي عام 1940 شارك في “الورشة”، وبعدها بعام شارك في فيلم “انتصار الشباب”، وقدم أيضاً “ليلى بنت الريف” وفي عام 1942 قدم “ليلى”، وفي عام 1944 قدم “برلنتي وليلى في الظلام”، وفي عام 1945 قدم “جمال ودلال والجنس اللطيف والفنان العظيم”، وفي 1946 قدم “ماقدرش وحرم الباشا”، وبعدها بعام قدم “شادية الوادي والبدوية الحسناء”، وظل يقدم أدواراً عديدة حتى تألّق في العديد من الأفلام مع الفنانين.
وجنون وفاطمة وماريكا وراشيل وغرام راقصة وبنت باريز ونهاية قصة ومن أين لك هذا ومعجزة السماء”، ودويتو مع فريد الاطرش في افلام “أحبك انت وعفريتة هانم وآخر كدبة وتعال سلم وعايزة اتجوز وماتقولش لحد ولحن حبي وعهد الهوى وودعت حبك وانت حبيبي”، ومع عبد الحليم قدم “ليالي الحب وفتى أحلامي وحكاية حب ويوم من عمري وشارع الحب” الذي حقق من خلاله شهرة واسعة بإفيهاته في الفيلم.
ولم يحصل على البطولة المطلقة سوى مرات قليلة مثل فيلم “حلاق السيدات”، وعلى الرغم من نجاحه كممثل لكنه لم يحقق ايرادات تتيح له الحصول على البطولة مجدداً.
ومن أفلامه ايضاً “حبيب حياتي وأحلام البنات وعريس مراتي والعتبة الخضراء واحترسي من الحب والبوليس السري وحسن وماريكا وثلاثة رجال وامرأة والرباط المقدس والعاشقة وشجرة العائلة والسبع بنات وقاضي الغرام والفرسان الثلاثة وانت حبيبي وشياطين الجو والقلب له أحكام وربيع الحب ونهارك سعيد والحقوني بالمأذون وبنت الجيران ورسالة غرام ودستة مناديل والمحتال وعفريت عم عبده والحموات الفاتنات وحظك هذا الاسبوع وأنا وحبيبي وجنة ونار وبشرة خير وبيت النتاش والمنتصر”.
في عام 1963 عاد عبد السلام النابلسي إلى بيروت بسبب تراكم الضرائب عليه في مصر، التي وصلت إلى 13 ألف جنيه فتم الحجز على شقته في الزمالك وظلت القضية معلقة حتى وفاته رغم تدخل العديد من الفنانين ومنهم أم كلثوم.
وفي بيروت تغير وضعه وأصبح مديراً للشركة المتحدة للأفلام، وساهم وقتها في زيادة عدد الأفلام التي ينتجها في لبنان منها “فاتنة الجماهير وباريس والحب وافراح الشباب وبدوية في باريس وأهلاً بالحب”، وشاركته الشحرورة صباح مجموعة منها نظراً للصداقة بينهما.
وعلى الرغم من أن عبد السلام النابلسي كان معروفاً عنه بأنه عدو الزواج وكان مضرباً عن الزواج وإنجاب الاطفال، إلا أن السيدة جورجيت سبات، التي أصبحت لاحقاً الممثلة جورجيت النابلسي، عندما تعرفت عليه وقعت في غرامه، وبدأت بالإتصال به حتى وقع في حبها أيضاً.
وفي إحدى المرات طلب منها الزواج على الرغم من فارق العمر بينهما فلقد كانت وقتها تبلغ الـ 18 عاماً، وبالفعل تزوجا في فيلا صديقه فيلمون وهبي الذي اتصل بأهل زوجته ليخبرهم عن الزواج، فحاولوا تطليقها منه، إلا أن المحكمة أقرت بصحة الزواج، لذلك قاطعتها أسرتها التي كانت قد أخذتها لأشهر قبل أن يصل إليها عبد السلام النابلسي، ويعيشان قصة حب في ذلك الوقت.
وعن هذه القصة قال عبد السلام النابلسي في لقاء له إنه خطفها بالفعل وتزوجها، ولم يتقدم لها لأنه كان مسلماً وهي مسيحية لذلك لم يكن من السهل أن يذهب لأسرتها .
بعد اعلان بنك إنترا في بيروت إفلاسه زادت المشاكل الصحية التي عانى منها عبد السلام النابلسي، وقيل إن صباح التي كانت معه في رحلة إلى تونس لتصوير فيلم “رحلة السعادة”، قالت إنها كانت تسمعه يئن من الألم وكان يحاول أن يخفي آلامه بصوت صنابير المياه، وبعد عودته إزدادت حالته سوءاً فامتنع عن الطعام قبل رحيله بأيام، وفي الليلة الأخيرة عندما كان مع أصدقائه في منزله، ومنهم فريد شوقي وهدى سلطان ونيازي مصطفى، شعر بألم شديد وحينما وصل إلى المستشفى ممسكاً بيد زوجته لفظ أنفاسه الأخيرة في الخامس يوليو عام 1968، ولم تجد زوجته حينها المصاريف للجنازة، فتكفل بها صديقه فريد الأطرش من خلال شقيقه فؤاد الأطرش الذي حاول إخفاء الخبر عن فريد، لكنه علم من خلال الصحف، وقالت زوجته إن عبد السلام النابلسي ترك لهم أموالاً بالفعل، لكنها لم يكن لديها رصيد مصرفي، وبعدها حاولت رد المال لفريد الأطرش لكنه رفض.
بعد وفاته، قالت الفنانة زمردة إن عبد السلام النابلسي لم يكن مريضاً في معدته كما كان يقول، ولكنه عانى من مرض القلب لعشر سنوات، وأصر على إخفاء مرضه كي لا يتهرب منه المخرجون والمنتجون ولكي تعرض عليه الأدوار، وقد علمت بذلك حينما أرسل معها بعض التقارير الطبية للطبيب العالمي جيبسون، الذي كان يشرف على علاج فريد الأطرش، وهو الذي أخبرها عن الأمر ولم يكن يعلم بأن عبد السلام النابلسي يعتبر الأمر سراً، وقد بكى عندما علم بأنها عرفت بالأمر، وطلب منها أن تبقيه سراً، وبالفعل تبين لاحقاً أنه توفي نتيجة ذبحة قلبية.