بعد تألق نجم الكوميديا إسماعيل ياسين في تقديم شخصية «الآنسة حنفي» في فيلم يحمل نفس العنوان عام 1954، قام آخرون بتقليد ذات النمط وأقدم بعضهم على تمثيل الدور النسائي في أفلامه، ولعل أشهرهم بعد ياسين كان الراحل عبدالمنعم إبراهيم في فيلم «سكر هانم».
ولكن أحد لم يتخيل أبدًا أن يُقدم الأرستقراطي سليمان بك نجيب على القيام بتلك المغامرة، وأن يضحي بقيمته الاجتماعية والأدبية من أجل تقمص دور نسائي؛ فقد اعتاد دومًا تقديم شخصية الأرستقراطي عصبي المزاج خفيف الظل.
ولذلك كان مفاجأة مدوية لجمهوره حينما ظهر بدور راقصة بالية إسبانية في الفيلم النادر «تار بايت» عام 1955 مع عبدالسلام النابلسي والسيد بدير، الذي تقمص هو الآخر دور راقصة غجرية.
يذكر أن سليمان نجيب ولد في اسرة أنجبت العديد من الشخصيات، المرموقة فهو ابن الأديب الكبير مصطفى نجيب الذي عني بتربيته وتثقيفه، فنشأ وفي روحه نزعة فطرية نحو الفن والتمثيل، وخاله هو أحمد زيور باشا من رؤساء وزراء مصر .
حياته الفنية والعملية بدأ حياته الفنية بكتابة المقالات في مجلة الكشكول الأدبية تحت عنوان مذكرات عربجي منتقدا متسلقى ثورة 191، وقد صعد المسرح في عهد كان يتعذر على أمثاله من الاسرة المحافظة العمل في ميدانه، تخرج من كلية الحقوق وعمل موظفاً ويشتغل في الوقت ذاته في المسرح التمثيلي إرضاء لنزعته الفنية الجامحة، وأشغل سكرتارية وزارة الأوقاف، ثم نقل إلى السلك الدبلوماسي وعمل قنصلا لمصر في السفارة المصرية باسطنبول، إلا أنه عاد إلى مصر والتحق بوزارة العدل وعين سكرتيراً فيها، وكان مزمعاً إخراج مذكراته عما يعلم عن الوزارة الذين تقلبوا في عهده بوزارتي الأوقاف والعدل، إلا إن المنية فاجأته فرحلت هذه الذكريات في صدره، وكان يتنبأ أنه سوف لا يتخطى الستين من عمره وقد صدق بما تنبأ.
شغل أيضا رئيس لدار الاوبرا المصرية في القاهرة (دار الأوبرا الملكية)، وكان أول مصري يتولى هذا المنصب، وقد أدارها بكل حزم ووجه أعمالها نحو الغاية المثلى، حصل على لقب ” بك ” من الملك فاروق لم يفكر يوماً في الزواج، وقد فضّل ان يعيش برفاهية وأن يفعل ما يريد دون أن يسبب لشريكة حياته أي نكد، لأنه يعتقد أن كل النساء مخالفات ومناكفات، كما وأن فقره إلى المادة في بداية حياته كانت من العوامل على نفوره من الزواج كيلا ينجب أولاداً يعيشون في جو من الفقر.
عمل في المسرح وفي السينما وتألق نجمه وكان بطلا في كل الأدوار التي مثلها، ورغم أن مرتبه كان كبيراً وارباحه كثيرة فإنه لم يدخر شيئاً، وكان جريئاً صادقاً وفياً أديباً فصيح اللسان، عالي التهذيب، وكان صديقا للزعيم مصطفى كامل.
من أشهر ادواره كان في فيلم غزل البنات عام 1949 م وكان دوره سعادة الباشا مراد وقد أدى هذه الشخصية بكل ارستقراطيتها مع خليط من طيبة القلب وخفة الدم الفطريه لديه فلم يكن متشدقا ولا مبالغا في الأداء مما يطيح بعذوبة الشخصية فاستحق بذلك النجوميه الفذه في ذلك الفيلم وافاه الأجل ورحل في 18 يناير 1955، بعد ترك رصيد أكثر من 40 مسرحية ما بين تمثيل وتأليف وحوالي 52 فيلم.