“إيطالي” عاش مصرياً حتى الرحيل وباع “التين الشوكي” في روما.. حكاية الأرستقراطي ابن السفير إستيفان روستي
استنجد سكان عمارة أنور وجدي المجاورة لمحطة الإذاعة المصرية بشرطة النجدة، بسبب أحد السكان الذي يصر على إضاءة الأنوار أثناء الغارات الجوية، توجهت النجدة لشقة المذكور وطرقوا الباب عدة مرات قبل أن يقرروا الرحيل والعودة مرة أخرى لعدم وجود صاحب الشقة، إلا ان السكان أكدوا انه بالداخل، وقبل أن يعاود رجال النجدة الطرق على الباب مرة أخرى قرر “استيفان” أن يفتح الباب وهو في حالة سكر فقد اعتاد “روستي” ان ينهى زجاجة “الكونياك” كاملة قبل أن يخلد للنوم.
توجه اسطيفان إلي قسم الشرطة لتحرير محضر بالواقعة لإقناعه بضرورة إطفاء الأنوار أثناء الغارات حرصاً على سلامته وأفراد أسرته وسكان العمارة أجمع .
لم تكن واقعة “الغارة ” الواقعة الطريفة الوحيدة في حياة الفنان الراحل ” اسنيفانو دي روستي ” والذي عرفه المصريون باستيفان روستي ، فقد اضطر روستي لبيع ال”التين الشوكي” في شوارع روما عندما اشتد به الحال أثناء دراسته بإيطاليا، وهي الواقعة التي وثقها عميد المسرح العربي يوسف وهبي في مذكراته حيث كتب: ” اضطر استيفان روستي لبيع التين الشوكي في روما عندما كانت تنقطع عنه النقود أيام كان يتعلم التمثيل في إيطاليا، موطنه الأصلي” .
ولد استيفان روستي في ١٦ نوفمبر ١٨٩١ بحي شبرا لأم إيطالية وأب نمساوي كان والده يعمل سفيراً للنمسا بالقاهرة وترك والده العمل السياسي وسافر إلي النمسا بمفرده بعد أن رفضت زوجته السفر وقررت البقاء في مصر مع ابنها استيفان.
يعتبر استيفان روستي واحد من جيل الرواد في مجال الإخراج ، فقد بدأ العمل مخرجاً في السينما المصرية عام ١٩٢٧، شارك وداد عرفي في اخراج فيلم ” ليلى” و الذي قام بالتمثيل فيه أمام عزيزة أمير وأحمد جلال ووداد عرفي ،وقدم أول فيلم مصري صامت بعنوان ” البحر بيضحك ليه ” عام ١٩٢٨، وقام باخراج فيلم “صاحب السعادة كشكش بيه” بالاشتراك مع الفنان الراحل نجيب الريحاني ١٩٣١ .
في عام ١٩٣٥ قرر استيفان روستي التوقف عن الإخراج والتفرغ للتمثيل، إلا أنه عاد مره أخرى فأخرج فيلم عنتر أفندي عام ١٩٣٥، ثم اخرج ١٩٤٠ فيلم الورشة بطولة عزيزة أمير ومحمود ذو الفقار وأنور وجدي، ثم أخرج ” بن البلد ” عام ١٩٤٢ و ” أحلاهم ” و” جمال ودلال ” عام ١٩٤٥ .
وارتبطت بداية الفنان استيفان روستي ببدايات السينما المصرية، واستطاع ان يقدم ٣٨٠ فيلماً خلال مسيرته الفنية التي امتدت نحو ٤٠ عاماً .
درس استيفان روستي فنون السينما اثناء تواجده في أوروبا، كما قدم للسينما العالمية فيلمين ، أحدهم فرنسي والأخر نمساوي.
تزوج استيفان روستي من فتاة إيطالية أسمها “ماريانا” و التي تعرف عليها في النادي الإيطالي ببورتوفيق، وظل روستي وفياً لها حتى رحيله، ورزق منها بطفلين، رحل الأول بعد أيام من ولادته والأخر بعد ثلاثة أعوام، وتسبب رحيل الطفلين في إصابة ماريانا “بإضطرابات نفسية نقلت على أثرها إلي مستشفى “بهمان” للأمراض العصبية “بحلوان” .
في سنة 1964 انطلقت شائعة رحيلة واقامت نقابة الممثلين حفل تأبين بعد أن صدقت الشائعة، وفي منتصف الحفل حضر استيفان روستي إلى مقر النقابة ليسود الذعر الحاضرين وانطلقت ماري منيب ونجوى سالم وسعاد حسين في إطلاق الزغاريد فرحاً .
بعد أسابيع قليلة في مايو من نفس العام (1964)، رحل استيفان روستي ولم يجدوا في جيبه بعد كل هذا العمر والنجاح والكفاح سوى عشرة جنيهات فقط إضافة إلي شيك بملغ ١٥٠ جنيه نظير دوره في أحد الأفلام .