في سنة 1978، بعد 5 سنوات من رحيل الدكتور طه حسين عميد الأدب العربي، قدم محمود ياسين فيلم قاهر الظلام عن قصة حياة الدكتور طه حسين.
ويحكي الفيلم قصة الدكتور طه حسين منذ طفولته في إحدى قرى المنيا حيث استطاع تخطي كافة الصعوبات رغم كونه كفيف ليترك بصمته على اﻷدب والمشهد الثقافي والنظام التعليمي.
الفيلم حقق نجاحا كبيرا بسبب أداء الراحل محمود ياسين، وتمثيل الفنانة الفرنسية يولاند فوليو، التي لعبت دور السيدة سوزان زوجة عميد الأدب العربي، وكتب الفيلم سمير عبد العظيم وكمال الملاخ، وأخرجه عاطف سالم، وقامت الفنانة إجلال زكي بتقديم الأداء الصوتي لشخصية سوزان، ولم يتقبل النقاد فكرة الدبلجة، فأضعفت هذه الجزئية الفيلم.
وبعدها قرر التلفزيون بمشاركة تلفزيون قطر إنتاج مسلسل عن طه حسين، لكن السؤال من يجسد دور طه حسين ؟، الإجابة بالطبع محمود ياسين.
يقول أحمد زكي في حوار نادر مع ليلى الأطرش: “عُرض المسلسل على محمود ياسين لكنه اعتذر لانه قدم الدور في فيلم قاهر الظلام، وليس لديه جديد يقدمه، فذهبوا بالدور لنور الشريف، لكن نور رأي أن محمود ياسين قدم الدور ببراعة وهذا سيضعه في مقارنة مع محمود ياسين فاعتذر عن الدور خاصة أن محمود ياسين حرق الموضوع بلغة السينما، ومن شاهد الفيلم ربما لا يرغب في مشاهدة المسلسل.
وأضاف زكي: “وهو نفس الأمر بالنسبة لعزت العلايلي وهم نجوم الصف الأول وقتها، وبعدها بدأ المخرج يحيى العلمي يفكر في نجوم الصف الثاني، ووضعوا مجموعة من الأسماء منهم احمد زكي، فوقع الاختيار على أحمد زكي كشاب جديد يقوم بالدور”.
لكن هل مر الأمر مرور الكرام؟
ذهب فريق العمل إلى الدكتور محمد حسن الزيات زوج ابنة طه حسين، لكي يعرفوا منه تفاصيل أكثر عن طه حسين، لكن الدكتور أبدى امتعاضا عند رؤية زكي، وسألهم عن محموج ياسين ولماذا لا يجسد هو الدور خاصة أن الدور الأشهر لزكي هو دوره في مسرحية مدرسة المشاغبين فكيف سيقدم دور طه حسين، وقال زكي: ” الدكتور الزيات مكانش قابلني خالص، وكان ناقص يقوم يرميني من الشباك”، لكن زكي سأله في اللقاء أسئلة عن ضحكة وبكاء طه حسين كيف كان يضحك وكيف كان يبكي، فاستغرب الدكتور الزيات من السؤال، فقال له أحمد زكي: “أنا بعمل طه حسين الإنسان مش الأديب”، وقتها حكي الزيات لزكي حكايات كثيرة غير معروفة عن طه حسين، ساعدته على تجسيد الشخصية.
يقول زكي: “وجدت معارضة شديدة لاختياري في الدور، وكانوا يقولون للاستاذ يحيى العلمي مخرج المسلسل هو طه حسين كان أسود يعني، دا محمود ياسين عامل الدور بعبقرية هتعملوا إنتوا إيه يعني؟، ويكمل زكي: “وحضني الأستاذ يحيى العلمي، وقال لي: “أنا بحيي فيك شجاعتك يا أحمد أنك صابر كل دا”، وقال زكي إنه تعاقد مع مدرس لغة عربية لضبط لغته العربية لأن الدكتور طه حسين كان من أفضل الناس إلماما باللغة العربية، وبدأ يدرس شخصية الكفيف، ووجد أن هناك 15 نوع من الأكفاء، وكل شخصية لها مدخلها.
جاء المسلسل في 13 حلقة، وبدأ عرضه في 1 يناير 1979، من إنتاج تلفزيون قطر، وشركة صوت القاهرة للصوتيات والمرئيات، وما أن غني علي الحجار تتر المسلسل من كلمات سيد حجاب، حتى وقع الناس في حب الشخصية، وما أن قدم الشاعر فاروق شوشة صوت الراوي حتى تعلق الناس بالمسلسل، ليظهر أحمد زكي ويبرهن أنه كان الاختيار الأنسب للمسلسل.